إبراهيم العجمي يكتب: ابتزاز جديد لمصر ..والرد الحاسم ضرورة وطنية

في تصريح يكشف عن النوايا الحقيقية للاحتلال الإسرائيلي تجاه مصر والمنطقة، خرج زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، بمقترح سافر يساوم فيه مصر على سيادتها وقرارها المستقل، من خلال طرح قدّمه في مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطية" بواشنطن.
إذ اقترح لابيد إسقاط جزء من ديون مصر الخارجية مقابل قبول القاهرة لمخططات إسرائيل في قطاع غزة، في محاولة مكشوفة لفرض أمر واقع يخدم الاحتلال على حساب الأمن القومي المصري والقضية الفلسطينية.
هذا الطرح ليس سوى امتداد لسياسة الابتزاز التي تمارسها تل أبيب وواشنطن، متجاهلتين حقائق التاريخ والجغرافيا، والموقف الثابت لمصر تجاه القضية الفلسطينية.
وهو تأكيد جديد على محاولات الاحتلال توظيف الضغوط الاقتصادية لتحقيق أهدافه التوسعية، في تجاوز صارخ لكل الأعراف الدولية ولقواعد احترام سيادة الدول.
منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، ظل السلام بين مصر وإسرائيل محكومًا بحسابات السياسة والمصالح الوطنية المصرية، دون أن يتحول إلى تطبيع كامل.
تعرضت هذه العلاقات لهزات متكررة، أبرزها بعد اجتياح لبنان عام 1982 ومجزرة صبرا وشاتيلا، مما دفع القاهرة إلى استدعاء سفيرها من تل أبيب آنذاك. كما شهدت العلاقات توترات مماثلة خلال انتفاضات الشعب الفلسطيني، خاصة انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث اضطرت مصر إلى تخفيض مستوى تمثيلها الدبلوماسي.
ومؤخرًا، أعادت الحرب الإسرائيلية على غزة وتصريحات مسؤولي الاحتلال العدائية تجاه مصر الجدل حول ضرورة إعادة تقييم هذه العلاقات، خاصة في ظل السياسات الإسرائيلية التي تستهدف الأمن القومي المصري بشكل مباشر أو غير مباشر.
أصبح إتخاذ موقف مصري أكثر حسمًا ضرورة وطنية ملحّة أمام هذا التطاول الإسرائيلي، وخصوصًا بعد فرض تعقيدات جديدة من الجانب الإسرائيلي حول دخول المساعدات إلى قطاع غزة، الذي يمرّ بأكبر كارثة إنسانية شهدتها المنطقة. فلم يعد مقبولًا استمرار العلاقات الدبلوماسية بنفس مستواها، بل بات من الضروري اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تعكس الموقف المصري الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، وتؤكد أن أي محاولة لفرض حلول على حساب الأمن القومي المصري يجب أن تواجه بردّ قوي، أقلّه تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال وتجميد أي تعاون لا يخدم المصلحة الوطنية المصرية والفلسطينية.
لقد أثبتت مصر مرارًا أنها لن تفرّط في ثوابتها ولن تسمح بأي تجاوز يمسّ سيادتها أو يهدد استقرارها. وهو موقف الشعب المصري وقيادته السياسية، ومن هنا، فإن دعم الموقف الرسمي المصري في رفض المؤامرات الإسرائيلية وتعزيز النهج الدبلوماسي الحاسم تجاه الاحتلال هو مسؤولية وطنية في هذه المرحلة الحرجة.