الموجز اليوم

الدروس المستفادة من معركة طوفان الأقصى

العجمى
العجمى

تابعت ما جرى وما يجري منذ بداية معركة السابع من أكتوبر وحتي اليوم علي غير عادتي المبادرة بالتحليل والنقد وتناول كل ما يؤثرعلي الشأن العام، ولكن تلك المرة بما تفردت به الحدث وسرعة وتيرتها وخصوصية المعركة كان الصمت بالنسبة لي أبلغ من أي كلام يمكن أن يقال، ولكن بعد مرور أكثر من شهرين استجمعت بعض من الدروس المستفادة التي اعتقد من المهم تناولها الآن.
أولاً: لا يمكن هزيمة شعب يقاوم ولدية عقيدة هكذا علمنا التاريخ، وهذه المعادلة خارج حسابات فارق العدة والعتاد فهي مسالة عقائدية في المقام الأول وهذا ما حدث عبر التاريخ في أفغانستان والعراق فيتنام والشيشان وغيرها من النماذج التي تفوق فيها شعب مؤمن بقضية حرية وطنه مقابل محتل غاشم يفوقه في مقاييس القوة العسكرية.
ثانياً: كشفت الحرب عن هشاشة جيش الاحتلال علي كافة المستويات العسكرية وقوات النخبة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية وحتي علي مستوي التماسك المجتمعي الداخلي لدولة الاحتلال.
ثالثاُ: احيت الحرب الاخيرة فكرة الاستغناء عن الغرب ثقافياً ومقاطعه منتجاتة واستبدالها بالمحلية وفي خلال ايام من انطلاق الحرب تكشف لنا عن كمية بدائل وطنية من الصناعات المحلية أصبحت اليوم رمز لمعركة الوطنية والكرامة.
رابعاً: أصبح هناك جيل جديد من الشباب والمراهقين فى العالم خارج عن سيطرة اعلام اللوبي الصهيوني يستمد معلوماته من وسائل يبثها أصحاب المعركة الحقيقيون على الأرض من خلال برامج التواصل الاجتماعي كونت رأي عام عالمي جديد مستقل سوف يكون فارق في المستقبل القريب لا محال.
خامساً: التناقض الواضح بين مواقف الحكام والحكومات الغربية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وأمريكا وبين مواقف شعوبهم اتجاه ما يحدث من إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في غزة والضفة الغربية.
أخيراً: وهو ما توقفت عندة كثيراً فبالرغم من ان العدو الاسرائيلي المحاط من الأعداء من كافة الاتجاهات حتي لو كان هناك اتفاقيات سلام مع بعضهم فهي بالطبع اتفاقات مؤقتة لا محال، وبالرغم من ذلك فهو يحارب مع الحوثيين من الجنوب وحزب الله من الكتئاب السورية من الشرق وكتائب المقاومة الفلسطينية من الغرب في حرب هي الأكثر قسوة بالنسبة له منذ حرب أكتوبر 73 والتي كان يحارب فيها علي جبهة الجولان وسيناء معاً، ومع ذلك فإن مساحة الحرية التي يتمتع بها المجتمع الداخلي علي مستوى الاعلام وعلى مستوى حرية التعبير والاحتجاج كانت مفاجئة ومدهشة بالنسبة لي، حيث أن المظاهرات المطالبة باقالة حكومة نتنياهو كان مستمرة بالتوازي مع المظاهرات المطالبة بالضغط لعقد صفقة تبادل للأسرى بالتزامن مع سيل من الانتقادات للحكومة ورأس الحكومة ممثلاً في رئيس الوزراء و وزير الدفاع من بعده في الإعلام الحكومي المرئي والمكتوب.
وصلت تلك الانتقادات الي انتقاد ادارة الاستخبارات العسكرية و وصفها بالفشل في التنبؤ وتجاهل التقرير التي وصلت باحتمالية قدوم حرب ، كما وصفت ايضاً أداء الجيش بالفشل في تحقيق الأهداف العكسرية، بل وتحقيق للشرطة أثبت تورط مروحية عسكرية في قتل أكثر من 300 من المحتفلين يوم الهجوم، وآخر يدين فوات بقتل زملائهم
كما تعالت الأصوات المنادية برحيل الحكومة الإسرائيلية واقالة قيادات مجلس الحرب الاسرائيلي ومحاسبتهم، وبالطبع جميعاً يعلم بأن نتنياهو من حين إلى آخر يقف أمام المدعي العام الإسرائيلي للتحقيق في تهم فساد والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ولم يشفع له تاريخه العسكري والدبلوماسي العظيم وتضحياته الوطنية بالنسبة لدولة الاحتلال فهو من ابطال أهم المعارك التي شكلت وجود دولتهم عسكرياً ودبلومسياً وسياسياً، ولم يخرج من يتشفع له بتاريخة هذا امام القانون.
فهل يعقل أن دولة الاحتلال المحاطة بالأعداء من كافة الاتجاهات وهي في حالة حرب وجودية من أجل البقاء تأخذ بأساليب دولة القانون والمؤسسات في الوقت الذي مازلنا نتردد في و نشكك في أهلية شعوبنا العربية صاحبة الحضارة والتاريخ في التعامل مع تلك المعطيات.