الإعلامى وجدى وزيرى يكتب: متى تصحون من غفوتكم؟

لقد تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء، وأمعنت في إستخدام كل أدوات القهر والبطش ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، مستغلةً حالة التراخي والصمت العالمي، بل والتواطؤ الصريح من بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الحكومة الأمريكية.
ما يحدث اليوم في فلسطين ليس مجرد عدوان عابر أو مواجهة مؤقتة؛ بل هو عملية ممنهجة تهدف إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وإجبارهم على القبول بالتهجير القسري تحت مسمى "المغادرة الطوعية".
أي منطق هذا الذي يتحدثون عنه؟ كيف يكون التهجير طوعيًا تحت نيران القصف والتجويع والحصار؟
آخر ما فعلته إسرائيل هو إنشاء وكالة تهدف إلى "تنظيم" هذا التهجير، محاولة أن تكسو جريمتها برداء الإنسانية الكاذب. وها هي الحكومة الإسرائيلية تمضي قدمًا في مشروعها الاستيطاني، مع مصادقة رسمية على 13 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، وكأن الأرض الفلسطينية باتت مشاعًا يُقسم وفق أهواء الاحتلال.
هذا التوسع الاستيطاني، إلى جانب سياسة التجويع الممنهجة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، يرقى إلى جرائم حرب واضحة وفق كل القوانين والأعراف الدولية.
أمام هذه الوقائع المريرة، أعلنت جمهورية مصر العربية رفضها القاطع لهذا المخطط الإجرامي، مؤكدة أن ما يسمى بـ"المغادرة الطوعية" ليس إلا تهجيرًا قسريًا تحت القهر والجوع والخوف. مصر، صاحبة الموقف التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، تدعو المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، للتحرك الفوري والجاد لوضع حد لهذه الانتهاكات، وإعادة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
لكن السؤال الأهم اليوم: أين أنتم أيها الحكام العرب؟ أين ضمائركم؟ كيف تنامون ملء جفونكم وهناك آلاف الأطفال والنساء والشيوخ تحت القصف والجوع والعطش؟ كيف تقبلون أن يُهان شرف الأمة وأن يُذل شعبها الأبي، بينما تصمون آذانكم عن صرخاتهم؟
لن يرحمكم التاريخ، ولن يرحمكم الله.. إن من يتجاهل آهات المظلومين، ومن يغض الطرف عن انتهاك حقوق الإنسان، ومن يهادن المعتدي ويصافحه في العلن، ثم يدين أفعاله في السر، يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم.. الإنسانية ليست شعارًا يُرفع في المحافل الدولية، بل هي موقف يُتخذ في لحظة الحقيقة.
إن الوقوف في وجه هذا العدوان الصارخ ليس خيارًا بل واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا. إن لم تتحركوا الآن، فإن مصير فلسطين سيكون لعنة تلاحقكم في الدنيا قبل الآخرة. فالتاريخ لا يرحم، والله لا ينسى.