أسامة أنور عكاشة..غواص فى بحر الشخصية المصرية
روحه مازالت حاضرة بيننا بأعماله التى تركت بصمة لاتمحى مع مرور الزمن ،وكتاباته التى اثرت فى كل مشاهديه ،حتى أن الجمل التى رددها أبطال شخصياته التى كتبها مازالت محفورة في الأذهان بعمق كاتبها ربما لانه بدأ فى كتابة الروايات ذات العمق والسرد الطويل قبل الإتجاه لكتابة الدراما التليفزيونية ..إنه السؤال والجواب..إنه من جعلنا نبصر شيئا جميلا في أنفسنا بأعماله ولغة الحوار بين شخوصه..إنه الكاتب الراحل أسامة انور عكاشة عميد الدراما فى مصر والعالم العربى دون منافس والذى مر على رحيله من أيام أربعة عشر عاما حيث رحل فى ٢٨ مايو عام ٢٠١٠ ..ولكن أعماله مازالت حاضرة ربما لأنه كان يغوص في الشخصية المصرية، ويعمل على تشريح فئات المجتمع بكل طبقاته واطيافه المختلفة سواء الطبقة الكادحة من أولاد الحارة الشعبية فى المغربلين، والغورية، والجمالية وغيرها ،والتى ظهرت في أعماله بقوة مثل "الشهد والدموع "وليالى الحلمية "و"زيزينيا" وغيرها إلى الطبقة الارستقراطية، ومحاولة الدمج بينهما ،كما كان متمكن من مزج الماضى بالحاضر ،والقدرة على استشراف المستقبل ، ولم تكن أعماله تشعر معها بالملل أو المط والتطويل، وإضاعة الوقت كما يحدث الآن فى أعمال عديدة..ذلك لأن أعماله كانت بمثابة الهواء النقى الذى يتنفسه جمهوره ليطرد ذلك الغبار الذى تنفسه من أعمال اخرى.. ربما لأنه كان دائم البحث في أعماله عن الهوية المصرية تلك الهوية التى كانت قضيته المهموم بها ، وشغله الشاغل وهو ماجعل هناك ارتباط وثيق بينه وبين جمهوره الذى وجد من يتحدث عن آماله وأحلامه ،وطموحاته وسط عاصفة التغيرات التى كادت أن تعصف بهم ،وتفقدهم هويتهم مع تصاعد قوة رأس المال عقب الانفتاح الإقتصادي ،وماتبعه من تغيرات عديدة على الساحة الإقتصادية، والإجتماعية ،وهو مااظهره عكاشة فى صور مختلفة مثل الفوارق بين الطبقات، وسيطرة المال وتأثيره ونفوذه من خلال مسلسل "ضمير أبلة حكمت " والذى استطاع عكاشة أن يعيد به سيدة الشاشة فاتن حمامة للعمل على الشاشة الصغيرة لأول مرة ،أيضا ناقش قضية الفوارق الإجتماعية في الحب كما فى عمل "الحب وأشياء اخرى" وغيرها من الأعمال.
هذا بالإضافة لرصده للتغيرات التي طرأت على الشخصية المصرية وسيطرة التكنولوجيا على حياة البشر، وتأثيرها على الأجيال كما فى مسلسل "أبو العلا البشرى " وامرأة من زمن الحب " ،كما رصد تاريخ مصر منذ عهد الملك فاروق حتى فترة التسعينات، وغيرها من الأعمال.
قدم للشاشة الصغيرة عشرات الأعمال لأنه كان يفضل الدراما التليفزيونية حيث يستطيع تقديم رؤيته من خلال ثلاثين حلقة بخلاف السينما التى قدم فيها خمسة أفلام منها "كتيبة الإعدام "و"الهجامة ""تحت الصفر""الطعم والسنارة "و"دماء على الأسفلت ".
كانت لطفولة عكاشة الأثر الأكبر فى ارتباط أعماله بوجدان جمهوره..حيث عشقه للغة العربية جعلته قادر على السرد السلس واللغة الواضحة المشوقة، كما أن حبه للعزلة اكسبته خصوبة الخيال التى أسفرت عن أعمال لاننساها.. لذلك فنحن مدينون له بالحب والتقدير لأنه ساهم فى تشكيل وجدان وعقل المشاهد الذى احترمه ،واحبه.. فعشق فنه جمهوره.