بوابة الموجز اليوم

عصام سليم يكتب: ”الملحد”

في مجتمعنا العربي، حيث يتربع الدين الإسلامي على قمة الهرم القيمي، يظهر فيلم "الملحد" للكاتب الصحفي إبراهيم عيسى كمحاولة جديدة للنيل من هذه القيم، وتوجيه طعنات مغموسة تعكس خلافا ينجرف عن المبادئ التي تربى عليها ملايين المسلمين في مصر والعالم العربي. الفيلم، الذي يدعي تقديم نقاش فكري حول الإلحاد، يكشف في الواقع عن أجندة مغرضة تهدف إلى تقويض الأسس التي يقوم عليها دينا الاسلامي

الهجوم على الدين:

منذ طرح الفيلم، بات واضحاً أنه ليس مجرد عمل فني يتناول قضية الإلحاد بشكل محايد، بل هو هجوم سافر على الدين الإسلامي ومحاولة لتفكيك المفاهيم التي تحمي المجتمع من الانحرافات الفكرية. إبراهيم عيسى، بصفته كاتباً وصحفياً له تأثيره، حاول أن يقدم فكرة الإلحاد كخيار فكري مقبول، مستخدماً في ذلك أدوات فنية ودرامية تغري المشاهد وتجعله ينزلق إلى مستنقع التشكيك.

إن هذا الأسلوب ليس بجديد على من يحاولون ضرب الإسلام من الداخل؛ فهم يعرفون جيداً كيف يستخدمون الوسائل الناعمة لإيصال رسائلهم. الفيلم يعرض أفكاراً ومشاهد قد تبدو في ظاهرها بريئة، لكنها في جوهرها تحمل مضامين خطيرة تهدف إلى زعزعة إيمان الشباب وزرع بذور الشك في نفوسهم.

دورنا في تصدي لمثل هذه الأفلام

اكتب هذا الموضوع لأن أؤمن بقدرة الكلمة على التأثير والتوجيه، تجعلني أجد نفسي في مواجهة مباشرة مع هذا النوع من الأفلام التي تسعى لتقويض أسس الدين الإسلامي. إن مسؤوليتي تجاه مجتمعي وديني تحتم علي أن أكون في طليعة المدافعين عن قيمنا ومبادئنا، وأن أكشف عن المحاولات الخبيثة التي تسعى إلى تدميرها.

التوعية والتحذير:

أول ما يجب فعله هو توعية الجمهور بالمخاطر الكامنة في مثل هذه الأعمال. يجب أن يدرك الناس أن هذه الأفلام ليست مجرد ترفيه، بل هي جزء من حرب فكرية تستهدف عقولهم وعقيدتهم. التوعية هي خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الهجمات، ويجب أن تتم عبر وسائل الإعلام والمنابر الدينية والتعليمية.

الكتابة والتصدي:

الكتابة هي سلاح في هذه المعركة. من خلال المقالات، يجب تسليط الضوء على مكامن الخطورة في هذا الفيلم وأمثاله، وتحذير الناس من الانجراف وراء الرسائل المضللة التي يحملها. لا بد من التصدي لكل من يحاول التشكيك في ديننا، وكشف نواياهم أمام الجمهور.

آراء حول الفيلم في مصر والعالم العربي

تنوعت الآراء حول فيلم "الملحد" في الأوساط الثقافية والفكرية، ولكن الغالبية العظمى رأت فيه تهديداً للقيم الدينية والأخلاقية التي تمثل عصب المجتمع.

في مصر: انطلقت موجات من الاستنكار والغضب فور عرض الفيلم. منظمات دينية وثقافية عديدة طالبت بسحب الفيلم من دور العرض، مشيرة إلى أن مثل هذه الأعمال لا تخدم سوى الأجندات التي تسعى إلى نشر الفوضى الفكرية. رجال الدين كذلك لم يقفوا مكتوفي الأيدي، بل بادروا إلى التحذير من الفيلم وبيان ما فيه من مغالطات وأفكار مضللة.

في العالم العربي: كان الصدى مشابهاً. في الخليج، مثلاً، قوبل الفيلم بردود فعل غاضبة، ودعوات إلى مقاطعته وحظر عرضه. بينما رأى البعض في لبنان وتونس أن الفيلم يجب أن يُناقش في إطار حرية التعبير، إلا أنهم لم يغفلوا عن الإشارة إلى خطورة الأفكار التي يروج لها.

انسحاب الفنان مصطفى درويش: موقف يستحق الثناء

في خضم هذا الجدل، جاء انسحاب الفنان الراحل مصطفى درويش من الفيلم كخطوة شجاعة تستحق التقدير. قراره بالانسحاب من العمل جاء بعد أن أدرك أن الفيلم يحمل رسالة تتعارض مع مبادئه الدينية، ومع قيم المجتمع الذي ينتمي إليه.

أسباب الانسحاب: أوضح مصطفى درويش رحمه الله في عدة تصريحات أن رفضه المشاركة في الفيلم كان نابعا من إيمانه العميق بأن الفن يجب أن يكون في خدمة المجتمع، لا أن يكون أداة لهدمه. موقفه هذا يعكس مدى وعيه وحرصه على عدم التورط في عمل يمكن أن يضر بالدين الإسلامي.

تأثير الانسحاب: انسحاب مصطفى درويش أثار ردود فعل واسعة. كثيرون رأوا في موقفه نموذجاً للفنان المسؤول، الذي يضع مبادئه وقيمه فوق أي اعتبار آخر. كما أضاف هذا الانسحاب مزيداً من الضغوط على صناع الفيلم، وجعلهم في موقف حرج أمام الجمهور.

رأيي المجتمع في الفيلم ودوره

إن فيلم "الملحد" يمثل، في نظري، خطراً كبيراً على المجتمع. الفن ليس مجرد وسيلة للتسلية، بل هو أداة قادرة على تشكيل الوعي وتوجيه الأفكار. عندما يُستخدم الفن لتقديم أفكار مغرضة أو لتشويه صورة الدين، فإن المسؤولية تقع على عاتق كل من يمتلك القدرة على الرد والتصدي.

التصدي لهذه الأفكار مسئولية مسؤولية

أن نكون في مقدمة الصفوف في هذه المعركة الفكرية. لا يمكننا السماح بأن تمر مثل هذه الأعمال دون رد أو مواجهة. يجب علينا أن نستخدم أقلامنا لفضح النوايا الحقيقية وراء مثل هذه الأفلام، وأن نعمل على توجيه الجمهور نحو الفهم الصحيح للدين.

الدفاع عن القيم الإسلامية: الإسلام ليس بحاجة للدفاع عنه، فهو دين الحق والصواب. ولكن مسؤوليتنا هي الدفاع عن قيمه ومبادئه في وجه الهجمات التي تستهدفه. يجب أن نكون حريصين على توعية الناس وتحصينهم ضد الأفكار الهدامة التي يحاول البعض نشرها.

خاتمة

يبقى فيلم "الملحد" لإبراهيم عيسى مثالاً حياً على المحاولات المستمرة لضرب الدين الإسلامي وقيمه. ولكن كما أثبتت التجارب، فإن مجتمعنا قادر على التصدي لهذه المحاولات، بفضل وعيه وإيمانه العميق بدينه.

إن المعركة الفكرية التي نخوضها اليوم ليست جديدة، ولكنها تزداد شراسة مع مرور الوقت. علينا جميعاً، ككتاب ومثقفين ودعاة، أن نتحد في مواجهة هذه التحديات، وأن نعمل على حماية مجتمعنا من كل ما يمكن أن يضر به. في النهاية، سيظل الإسلام قائماً شامخاً، وستبقى قيمه ومبادئه هي الأساس الذي يقوم عليه هذا المجتمع، مهما حاول البعض النيل منه.