بوابة الموجز اليوم

د. شيرين الخليفة تكتب: السيبرانية التقنية والعسكرية المباشرة إسرائيل تُنوع أساليبها وجبهاتها

د. شيرين الخليفة
د. شيرين الخليفة

ضربات دامية ومتالحقة شهدتها الساحة اللبنانية لثلاثة أيام على التوالي.
ماذا حدث؟
هل يدفع لبنان ثمن إيواءه لحركة حزب الله ؟
هل المستهدف الحقيقي والوحيد من هذه الضربات الإسرائيلية هم فقط عناصر وقادة حزب الله اللبناني، أم أيضا الأبرياء من المواطنين اللبنانيين؟
هل بالفعل نجحت هذه الهجمات السيبرانية في إضعاف بل انهيار البنية التحتية لشبكة الاتصالات الخاصة بحزب الله اللبناني؟
أسئلة كثيرة تثيرها الأحداث التي سرعان ما انتقلت من الجبهة الفلسطينية (دون أن تتركها نهائيًا) إلى الساحة اللبنانية.
فمنذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، بدأت المناوشات الدامية بين الدولة العبرية وبين أحد اذرع إيران في المنطقة: حزب الله اللبناني.
مناوشات عسكرية تعطي للقتال شكل الحرب شبه الكالسيكية، نظرا لتوفر كافة العناصر التي تتسم بها الحروب الكلاسيكية: جبهة الحرب (الساحة اللبنانية)، تشابه األسلحة المستخدمة (الصواريخ)، العنصر الوحيد الذي يمكنه أن ينزع عن هذه الحرب الصفة الكاملة للحرب الكلاسيكية هي أنها بين قوتين غير متكافئتين: دولة وحركة مقاومة.
فهذه الأخيرة مهما ارتقت بمستوى أسلحتها وجنودها وكانت مسنودة من إحدى القوى التي لا يستهان بها على المستويين الإقليمي والدولي "إيران" فهي لن تستطيع أن تواكب الحجم الضخم للأسلحة التي تملكها إسرائيل والتي تمدها بها دائما الولايات المتحدة األمريكية.
والدليل على ذلك المفاجأة المربكة التي تلقتها الحركة حين انتقلت إسرائيل إلى مستوى فائق التقدم في حربها ضدها، مستوى يجعل هذه الحرب تصنف كحرب الجيل الخامس: حرب سيبرانية تقنية لا تحتاج من المعتدي أي تواجد عسكري بري أو بحري أو حتى جوي في ساحة القتال.
بل يحتاج هذا النوع من الحروب فقط قدرة فائقة على التخطيط وبناء استراتيجية تنفيذ ماهرة تحسب فيها كل الثغرات لسدها، توضع فيها كل الاحتمالات لإفساد على العدو "حزب الله "أي إمكانية للمقاومة أو إيجاد حل بديل.
كما يتطلب هذا النوع من الحروب أموال كثيرة للقدرة على تجنيد كل من سيساهم في تنفيذ تلك الاستراتيجية، ففي الحالة التي نحن بصددها، احتاجت إسرائيل إلى الأموال التي دفعتها إلى بعض العناصر التي قامت بتجنيدها في الشركة المصنعة لأجهزة البيجر، كي تقوم بزرع الموجات المختصة بتفجير هذه الأجهزة.
تفجير قوى ومخيف ،لا يستطيع أحد بشكل نهائي أن يجزم ما إذا كانت أجهزة البيجر هذه قد
انفجرت بسبب الموجات التي دست فيها، أم تم تفجيرها عن بعد بواسطة درون إسرائيلي.
ايا كانت وسيلة تفعيل التفجير فقد استطاع العدو الصهيوني إحداث في ثلاث دقائق فقط الأولى تخص تفجير أجهزة البيجر يو م الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 ،والثانية تخص أجهزة الوكي توكي يوم الأربعاء 18 سبتمبر ،والثالثة تخص انهيار بنيان مكون من ثلاثة طوابق بكل سكانه لمجرد الرغبة في استهداف إبراهيم عقيل، قائد قوة الرضوان، وحدة النخبة في حزب الله – نفس عدد الموتى الذي نتج عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لكن هذا الأخير استمر اندالع الحريق فيه أكثر من 9 ساعات ، مع تباطؤ ملحوظ من قبل الإدارة الأمريكية للتفاعل وإنقاذ الضحايا.
هل من لقوا مصرعهم فى الحادي عشر من سبتمبر يعتبرون ضحايا أبرياء كان لا يجب أن يأخذوا بذنب كره تنظيم القاعدة للولايات المتحدة، ومن استشهدوا في أحداث السابع عشر والثامن عشر وكذلك العشرين من سبتمبر الجاري ليسوا بأبرياء من وجهة النظر الصهيونية ولابد من إبادتهم شأنهم شأن الفلسطنيين في قطاع غزة ورفح وكافة المدن الفلسطنية، لمجرد أنهم يتصدون للمغتصب مدافعين إذن عن حقهم في الارض والعرض؟
إن الرد على هذا الطغيان البين لات هذا ما صرح به الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في كلمته.
تعقيبًا على الضربات غير المتوقعة لشبكة الاتصالات المملوكة للحزب.
ً
فالأول مرة يلقي نصر الله خطابًا معتدل في مدته وواضح بشكل كبير في الرسائل التي أرسلها سواء لانصاره وأتباعه، سواء للعدو.
فعلى الرغم من اعتراف نصر الله لانصاره بقوة الضربة، طمأنهم على استمرار الحزب وقدرته على الرد، ولكنه – على غير المعتاد - أصر على عدم الإفصاح عن اقتراب موعد الرد.
هل هذا الغموض المقصود كان الغرض منه أن يعطي نفسه وحزبه وقتًا للملمة قوتهم المتناثرة والمتهالكة بعد هذه الصفعات السيبرانية المتالحقة، أم هذا تمويه كي يعطي نتنياهو الأمان كذبًا ويجعله يطمئن لضعف
حزب الله فيهدئ ويأمن ويكف عن القتال في الجبهة اللبنانية، ثم تأتيه الضربة من حيث لا يعلم؟
هل سوف تختلف مساندة إيران هذه المرة عن المرات السابقة التي قامت فيها بردود أفعال ضعيفة لا
تتماشى نهائيًا، لا مع ما يتلقاه شعبا فلسطين ولبنان من عدوان آثم، ولا مع مستوى الضربات التي تهدد بها إيران؟.
إن الأيام المقبلة هي وحدها التي تحمل الرد على هذا التساؤل.
جزم به في المطلق هو أن كل ما يأتي من الغرب يجب أن يصبح محط شك وتحليل ولكن ما يمكننا أن احتمالات المؤامرات والتخابر من قبلهم وأن الرد لات حتى وإن كان ليس من عند البشر ... فهذه هي العناية الإلهية التي لا تترك ظلما يدوم ولا ماكنا مازلنا في عهد من العهود البائدة، عصر هتلر مثلا .