الموجز اليوم

سميحة المناسترلى تكتب: عصر الدراما الملاكى

ليس قلمي فقط من يطالب بدراما حقيقية تساهم في استرجاع ثقافتنا وموروثاتنا وهويتنا، نحن كمواطنين مصريين فينا صاحب الفكر البسيط والمثقف والمفكر والكاتب، أجيال من الشباب والأطفال، نطالب جميعاً بإنتاج دراما تمثل الواقع المصري والعربي، دراما تساهم في إعادة بناء الإنسان والمواطن السوي، القادر على مواجهة تحديات المرحلة الخطيرة التى تمر بها المنطقة وعالمنا العربي بل والعالم. نريد دراما تحترم عقلية المواطن وترتفع بفكره وثقافته و انتماءه، فمعظم ما نشاهده اليوم هي دراما حسب الطلب (دراما ملاكي) إلا ما رحم ربي، نعلم جيدا أن الدراما بيزنيس تعتمد عليه ميزانيات دول، كما يعلم غالبيتنا بأنها عنصر توجيه جمعي خطير للمجتمعات والشعوب .

والسؤال الهام الحرج هنا : هل من أولويات شعوبنا ومنطقتنا اليوم أن نستخدم الدراما والفنون طبقاً لإحصائيات المشاهدة فقط، فنسير وراء تعاظم القدرات المادية، مقابل خراب وسقوط المجتمع ذاته ؟!، خاصة وأن نسب المشاهدة كعدد هائل تأتي من العشوائيات، وشريحة تحتاج لإعادة بناء فكر و انتماء وسلوكيات من جديد، في مثل هذه الحالة فإن الشركة المنتجة تقوم بقلب الوضع الطبيعي لإستقرار الهرم، فكل قاعدة هناك من يشذ عنها، ومن الطبيعي أن نسرع بإصلاح الوضع لفرض الإستقرار المجتمعي السوي بزيادة ثبات القاعدة السوية وليس العكس.

الدراما والفنون بكافة عناصرهما - بالأخص الإعلان - أسلحة غاية في الخطورة نظرا لسرعة وسهولة توغلها لوجدان المشاهد، والمواطن البسيط ، فيكون رد الفعل تلقائي وطبيعي، فإما رسخت ثقافة التحضر والانتماء، وإما رسخت ثقافة التراجع الثقافي والفوضى، وهذا ما نعانيه منذ عقود، متضمناً تراجع في الفكر والسلوكيات والأخلاق، تشويه لوجه الحضارة والهوية، ليصبح بيئة صالحة لإشعال الفتن والجرائم، وتعاطي المخدرات وبث التوحش والشراسة داخل المجتمع، مما يساهم في محاولات وأد الموروث الشعبي المصري والعربي العظيم .

إذا كان المبدأ هكذا فسيكون رد الفعل والناتج له هو غلبة الغوغاء أمام رغبة الأسوياء والعقلاء، طمعا في كسب المزيد من الأموال، دون اعتبار لرغبة المشاهد الذي يريد أن يحيا في استقرار ونماء، وإعادة إصلاح وتحضر داخل مجتمعه ليواكب ما يحدث من تغيرات إيجابية من حوله.

يا سادة الدراما رسالة قوية لبناء مجتمع متحضر آمن، كل عناصر الفنون والثقافة والإعلام السوى هم القوة الحقيقية للشعوب، فلا مجال لكسب الأموال وتضخمها واستثمارها فيما يسقط ويضيع قيم المجتمعات ويفككها كما نراه يحدث بدول الأشقاء، الدراما والإعلام والفنون إذا صلحوا فهم قوة أصيلة وسند صلب خلف جيوش دولهم، فأمان المواطن يأتي من وعيه، وأنتم مسئولون أمام الله وأنفسكم عن ثقافة ووعي شعوبكم، فكفى ترهل في الأفكار و النصوص، البحث الجيد عن النص هو إضافة حقيقية، وحجر بناء قوي حماية لأمن الوطن، دعونا نحسن الإختيار ونستبعد كل ما يسئ لمجتمعنا ويضعف بناء المواطن من دراما عنف وعوالم وقوادين، دراما تجعل المشاهد والأطفال يعتادوا العنف ومشاهد الدم و السحل، وكيفية تعاطي المخدرات وغيره من غيبيات وبث الرعب والموبقات، تحت عناوين الأكشن و- الجمهور عايز كده- وهذا افتراء، فالإستجابة تكون للجماهير الواعية وليست المغيبة.

كل التقدير لمسلسلات تساهم في ايقاظ الضمائر ونشر الوعي الإنساني، والديني والتارخي، وإلى لقاء آخر نرصد فيه بعض الأعمال الرمضانية سلباً وايجاباً .. رمضان كريم .