الموجز اليوم

سميحة المناسترلى تكتب: قراءة فى مسرحية ”تاج الملكة” للكاتب ممدوح فهمى

سميحة المناسترلى
سميحة المناسترلى

بعد تاريخ زاخر بالعطاء ما بين كتابة الفيلم والدراما التليفزيونية والسينمائية والعديد من المسرحيات، والتنوع ما بين الكتابة الواقعية والتشويقية، والخيال العلمي وغيره مما يمتلكه من ثقافة الفكر وتنوع الأفكار. نقرأ للكاتب ممدوح فهمي اليوم إصداره المسرحي الجديد، حيث يفتح لنا بوابة صغيرة ندلف منها للتاريخ المصري القديم، بما يزخر فيه من عبق مناخ مليء بالطقوس والترنيمات والعبادات، والعادات المصرية القديمة، بإسلوب شيق جاذب، حيث يجد القارئ أو المتفرج نفسه داخل بوتقة زمنية مختلفة أو بلورة سحرية .

فتصحبك كلماته إلى المعابد و بين أروقة القصور، تتنفس رائحة المباخر من خلف السطور، ترى من يتلصصون، وتسمع المؤامرات والدسائس من خلف الأعمدة والمسلات، تعيش قصص الحب وتستمع لأمنيات وأحلام الفتيات من خلال السطور .

فقد اعتمد الكاتب على ترجمة بعض مما نقش على جدران المعابد وكتب على ورق البردى من حياة المصري القديم بإسلوب مسرحي سلس، فترى المقابر وطقوس التحنيط ومجاميع النائحات، بل ومراسم الدفن للملوك والملكات بما فيها من هيبة ورهبة وخشوع، مع بعض تفاصيل التحنيط ودفن الكنوز وتخزين بعض المأكل واحتياجات الموتي ليوم البعث بالمدفن جانب التوابيت، تتعرف من خلال الحوار و الأحداث على معاني الأسماء عند المصري القديم، أيضا الحرف المتعارف عليها في تلك الحقبة الزمنية، يجعل القارىء يتعايش مع ابن الملك بساحة الحرب وكأنه يسمع صهيل الخيول وغبرة القتال، كما ينقل القارىء معه للحظات الاحتفال بالنصر ، فتتعرف على مناخ الحروب والزود عن مصر بشرف، وعدم التخلى عن المبادئ الإنسانية، بالرغم من قسوة وشراسة القتال.

وتعمد الكاتب كشف بعض أسرار تلك الحياة وبما فيها من زخم وغموض يكتنفها حتى اليوم، بتفاصيلها والمفاجآت المروعة، لكنه لم ينسى ذكر "القزم المرح" المخلص مضحك الملك والمقرب لولي العهد، كما كشف خطط الوصيفات بالقصور لإيقاع الزوج المنشود وشروط الزوج الجيد لديهن.

هذه الشخصيات التى أجاد الكاتب تسكينها في اماكنها، و أجاد وصف تصاعد مشاعرها وخلق الحبكة القوية للأحداث بإسلوب شيق، التزم بنقلات زمنية مناسبة للمشاهد بلا تطويل، وبديكورات مناسبة مبهرة رغما عن بساطتها، كل هذه البانوراما تأتي تضافرا مع قصة حب قائمة بين ابن الملك وابنة الكاهن الأكبر، فتتصاعد الأحداث ونرى الدسائس والمؤمرات للإستيلاء على الحكم من خلال خطط تدبر لسنوات وخيانات عديدة، ومع تواتر الأحداث تأتي نهايات صادمة غير متوقعة، من خلال موقف درامي عظيم، تكون نتيجته هي حمل" تاج الملكة" لمن يستحقه متجليا في مشهد عظيم مهيب تصاحبه خلفية لأغنية هيروغليفية مترجمة لأغنية "إيزيس العاشقة".

مسرحية "تاج الملــكة" للكاتب ممدوح فهمي، هي من سلسلة الإبداع المسرحى التى تصدر من الهيئة المصرية العامة للكتاب، التى تعنى بنشر النصوص المسرحية والنقدية المصرية والعربية، فضلا عن النصوص التى تعد من العلامات الأساسية فى تراث المسرح العربى، والمسرحية تعد دعاية رائعة للترويج السياحي في مصر، في حال ترجمتها وعرضها للوفود السياحية بالفنادق، وأثناء وسائل الإنتقال، أيضا من خلال عروض خاصة للمدارس والجامعات .