بوابة الموجز اليوم

د. علاء الدين مجد يكتب: الفقر والتكنولوجيا..كيف تتعامل معهما الصين فى رحلتها التنموية؟

د.علاء الدين مجد
د.علاء الدين مجد

تلعب الصين دوراً متزايد الأهمية على الصعيد الدولي، علاوة إلى اهتماماتها التنموية مع العالم العربي تنشط في المجال السياسي، ثم طرحت مبادرة «الحزام والطريق» الصينية عام ٢٠١٣، حيث سعت الصين تحت قيادة شي جينبينغ «البراغماتية» إلى توسيع نفوذها خلال السنوات الأخيرة، معتمدة على العثرات التى وقعت بها كل من الولايات المتحدة وروسيا في الملفات الساخنة على مستوى العالم، والواقع أن وراء «البراغماتية» الصينية في مجالات السياسة والاقتصاد والتنمية تقف خلفها قيادة قوية مستندة إلى إصلاحات اقتصادية وتنمية مستدامة، وهنا سنتطرق إلى محورين هامين يجذبان إنتباه القاصي والداني، الأول تحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفقر والثاني تطوير التكنولوجيا والإبتكار

تحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفقر

في ظل ملامح معقدة للبيئة الاقتصادية العالمية،وبمثابرة على مواجهة التحديات الداخلية لسياسات الإصلاح والتنمية، وضعت الصين في صلب اعتبارها مخاطر وتحديات انخفاض نمو الاقتصاد العالمي، وارتفاع الفارق بين العجز العام لطلب السوق والإفراط النسبي لقدرة الإنتاج، إلي جانب احتدام التناقض بين النمو الاقتصادي وحماية الموارد والبيئة.

(حول الحكم والإدارة – شي جين بينغ – المجلد الاول ص 123) نجحت الصين في تبنى سياسات وآليات تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفقر بفاعلية، وتحقيق التنمية المستدامة، وتطوير البنية التحتية، مثل سياسات الإصلاح والانفتاح الاقتصادي، والاستثمار في البنية التحتية، كما نفذت الحكومة برامج اجتماعية وتنموية، مثل برنامج الرعاية الصحية الشاملة، وبرنامج الإسكان الاجتماعي، وكرست الحكومة الصينية جهوداً كبيرة لتطوير البنية التحتية في الريف والمناطق النائية مثل بناء الطرق والجسور، وتوفير المياه والكهرباء، ما أدى إلى تكوين مجتمع رغيد العيش.

ويضاف إلى كل ما سبق، صب الاهتمام على تشجيع الاستثمارات في المناطق الفقيرة، وتقديم الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة، وإطلاق مشاريع تنموية تهدف إلى خلق فرص عمل جديدة للمواطنين، مع إيلاء الدولة اهتماماً كبيراً لتحسين جودة التعليم، وتقديم التدريب المهني، بهدف زيادة فرص العمل، وتمكين الفرد وتحسين مستوى المعيشة، علينا أن نبذل أقصى جهودنا لضمان معيشة الشعب وتحسينها، على الأخص الجماهير منخفضة الدخل، ونوفر معونات أكثر للطلاب الجامعيين الذين تواجههم صعوبة المعيشة، ونعزز بناء النظام الضماني في المدن والأرياف مع توعية الجماهير بمفهوم العمل الجدي والذى يعود عليهم بالغنى ويرفع مستوى الحياة، مما يجعل تحسين المعيشة هدف خاص ذاتي يكافحون لأجله. (حول الحكم والإدارة – شي جين بينغ – المجلد الأول ص 123).

تطوير التكنولوجيا والابتكار

يتفق الخبراء والمحللون على أن الحكومة الصينية تهتم بتعزيز الابتكار سعيًا وراء بناء إقتصاد مبتكِر، شهدت الصين تطورات هائلة في مجال التكنولوجيا والابتكار، مما مكنها أن تصبح قوة رائدة في عدة أصعدة تتضمن التكنولوجيا الرقمية، وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، فمؤخرًا تحتل الصين طليعة الدول الرائدة على صعيد التكنولوجيا الرقمية، فشركاتها وعلاماتها التجارية الوطنية الكثير من الابتكارات، مثل:تطبيقات الدفع الرقمي، والتجارة الإلكترونية، والتطبيقات الذكية بوجه عام.

ومن أشهر الشركات الصينية المبتكرة في مجال التكنولوجيا الرقمية هواوي وشياو مي وعلى بابا و تينسنت، كذلك كما تضخ الصين استثمارات ضخمة بقوة في مجالات الذكاء الاصطناعي، عملًا على تطوير تطبيقاته وتقنياته في مختلف المجالات، مثال: التعليم والزراعة والصحة والتصنيع، وبالطبع فمجال الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية يحتل المرتبة الأولى في مجال التطبيقات التكنولوجية، وفي الطليعة العلامة التجارية الوطنية هواوي تتبعها شياو مي – أووبو – تي إل سي إلخ.

وإذا أمعننا النظر في الطلب المتزايد على الطاقة ومصادرها المخنلفة، علاوة على المخاوف المتزايدة حيال التغير المناخي، فقد أهتمت الصين بتطوير تكنولوجيا الطاقة المتجددة، والتى تشمل الاستثمار في مجالات الرياح والطاقة النووية النظيفة والطاقة الشمسية، وهذا ما يوضح الدور الذى تلعبه الصين على التنمية المستدامة.

قد يتبادر لذهن القارئ مع اهتمام الصين المتزايد بالتكنولوجيا الحديثة، أن الصين تهمل الصناعات التقليدية وتطويرها وتحسينها، لكن الواقع أن الصين تهتم بالصناعات التقليدية عبر تنبيها لتقنيات التكنولوجيا الجديدة سعيًا لتعزيز قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، كما تدعم الحكومة الابتكار والبحث العلمي، اعتمادا على توفير الدعم المالي والتسهيلات للشركات والمؤسسات البحثية، علاوة على تشجيع الابتكار عبر تطبيق السياسات والحوافز المناسبة.

وفي مجال متصل أهتمت الحكومة الصينية بتطوير خدمات الإنترنت لكافة فئات الشعب الصيني في المدن والقري والمناطق الجبلية والنائية، ذكر الرئيس الصيني شي جين بينغ أنه "ينبغى على الحكومة أن تعرف الخط الجماهيري عبر الإنترنت وتغوض في المعلومات على الإنترنت تشترك في الدردشة على الإنترنت وتعبر عن آرائها وتستجيب لاهتمامات مستخدمي الإنترنت وتبدد ما يشكون به." (حول الحكم والإدارة – شي جين بينغ – المجلد الثاني ص 373).

فالحيز السيبراني هو بيئة مفتوحة لملايين أو لنقل مليارات البشر، وتدهور هذا الحيز وتلك البيئة لا يتفق ومصلحة عامة الشعب، فلا أحد يرضى أن يعيش في حيز يسوده الاحتيال والسباب والإباحية والعنف والتنمر، إلى جانب التحريق على التطرف الديني ونشر الإنفصالية العرقية إلخ، لذا تبذل الصين الكثير من الجهود في مجال الأمن السيبراني لعدم السماح بنشر الشائعات وإنتهاك القانون وارتكاب الجرائم الإليكرونية .